هل تخيلت نفسك في يوم من الأيام تتلقى مكالمة فيديو من صديق عزيز يطلب منك مساعدة عاجلة، ثم تكتشف لاحقاً أن الشخص الذي كنت تتحدث معه لم يكن هو، بل نسخة رقمية مزيفة ببراعة مذهلة؟ نحن الآن في عام 2025، حيث لم يعد "التزييف العميق" مجرد فكرة من أفلام الخيال العلمي، بل تحول إلى أداة حقيقية تستخدم في عمليات النصب والابتزاز بل وحتى للتأثير على الرأي العام. في هذا المقال على "تكنولوجيا اليوم"، سنسلط الضوء معاً على الوجه المقلق للذكاء الاصطناعي، ونساعدك على تمييز الحقيقة من الخدعة في عالمنا الرقمي الذي أصبح غامضاً أكثر من أي وقت مضى.
ما هو التزييف العميق؟ وكيف أصبح شكله في 2025؟
ببساطة، التزييف العميق هو تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو أو صور أو تسجيلات صوتية لأشخاص حقيقيين، تبدو واقعية لدرجة تكاد لا تُصدق.
والأمر المثير للقلق أنه في عام 2025، لم تعد هذه التقنية حكراً على الخبراء في استوديوهات متطورة. فأي شخص يملك هاتفاً ذكياً وتطبيقاً بسيطاً يمكنه الآن استبدال وجه شخص بآخر، أو تقليد صوت أي إنسان بدقة مذهلة تصل إلى 99%، بعد تحليل مقطع صوتي له لا يزيد عن ثلاث ثوانٍ فقط!
هذه أبرز أساليب النصب بالذكاء الاصطناعي التي يجب أن تنتبه لها:
مع تقدم الذكاء الاصطناعي، ظهرت تهديدات رقمية جديدة تستهدفنا كأفراد وتستهدف الشركات أيضاً:
1. استنساخ الأصوات
يعتبر هذا النوع الأكثر انتشاراً حالياً. تخيل أن تتلقى مكالمة بصوت ابنك أو والدك أو حتى مديرك في العمل، يطلب منك تحويل مالي عاجل. الصوت مطابق تماماً، حتى في نبرته وطريقة كلامه، مما يجعل الكثيرين يقعون في الفخ دون تردد.
2. مكالمات الفيديو الوهمية
حتى اجتماعات العمل عبر برامج مثل "زووم" أو "تيمز" لم تعد آمنة تماماً. فالمحتالون يستطيعون الآن استخدام فلاتر ذكية تجعلهم يظهرون على الشاشة وكأنهم شخص آخر. لقد وثّقت حالات عديدة في 2024 و2025 خسرت فيها شركات ملايين الدولارات بسبب "موظفين" وهميين شاركوا في اجتماعات حقيقية!
3. الابتزاز الرقمي
يتم فيها إنشاء صور أو مقاطع فيديو مزيفة وغير أخلاقية لأشخاص حقيقيين، بهدف ابتزازهم مادياً أو معنوياً. هذا النوع من الجرائم في تزايد مخيف، ويحتاج منا جميعاً إلى وعي كبير وحرص.
كيف يمكنك اكتشاف الفيديو أو الصوت المزيف؟
رغم التطور الهائل، تبقى هناك بعض العلامات التي قد تساعد الإنسان اليقظ على كشف الخدعة:
· العين والرمش: غالباً ما تفشل التقنيات المزيفة في محاكاة حركة الرمش الطبيعية. انتبه إذا كانت العين ترمش بغير انتظام، أو إذا كان الرمش نادراً أو غائباً تماماً.
· الفم والأسنان: عند التحدث في الفيديوهات المزيفة، قد تظهر الأسنان ككتلة واحدة غير واضحة، أو تلاحظ تشوهاً طفيفاً حول حواف الفم.
· الظلال والإضاءة: دقق فيما إذا كانت الإضاءة على وجه الشخص متناسقة مع الخلفية. عدم التطابق في الظلال حول منطقة الأنف أو الرقبة قد يكون دليلاً على التلاعب.
· جودة الصوت: في التسجيلات الصوتية المزيفة، قد تلاحظ شيئاً من التكلّف أو "الروبوتية" الخفيفة في نهايات الجمل، أو أن نمط التنفس يبدو غير طبيعي.
خطوات عملية لتحمي نفسك من فخاخ الذكاء الاصطناعي
نحن في "تكنولوجيا اليوم" نؤمن بتقديم الحلول، لذا إليك بعض النصائح العملية:
· كلمة سر عائلية: اتفق مع أفراد عائلتك المقربين على كلمة سر أو سؤال سري، تستخدم فقط في الحالات الطارئة أو لطلب المساعدة المالية، للتأكد من هوية المتصل حقاً.
· لا تتعجل مع الطلبات العاجلة: أي مكالمة تطلب منك مالاً "فوراً" وبشكل مفاجئ هي جرس إنذار، حتى لو كان الصوت مألوفاً. الأفضل إنهاء المكالمة والاتصال بالشخص نفسه على رقمه المعتاد للتأكد.
· كن حذراً فيما تشاركه: حاول تقليل نشر مقاطع الفيديو الطويلة التي تظهر فيها بوضوح، أو الصور عالية الدقة لوجهك على حساباتك العامة في وسائل التواصل. هذه المواد هي الوقود الذي يشغّل أدوات المحتالين.
· استخدم أدوات المساعدة: بدأت تظهر بعض المواقع والتطبيقات التي تساعد في تحليل المقاطع المشبوهة، يمكنك اللجوء إليها عند الشك.
دور الحكومات والشركات في المواجهة
بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى في اتخاذ خطوات، مثل إضافة "علامات مائية رقمية" خفية على المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي. كما تشهد بعض الدول مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية تشريع قوانين أكثر صرامة لتجريم الاستخدام الخبيث لهذه التقنيات.
الذكاء الاصطناعي بحد ذاته أداة محايدة، لكنه كأي أداة قوية، يمكن استخدامها للبناء أو الهدم. وعيك وانتباهك هما خط دفاعك الأول. لا تثق بكل ما تراه عينك أو تسمعه أذنك خلف الشاشة، وحاول دوماً أن تبقى مطلعاً على آخر أساليب الحماية لتسير في العالم الرقمي بخطى أكثر أماناً.
هل مررت بتجربة شعرت فيها أن ما تشاهده أو تسمعه قد يكون مزيفاً؟ شاركنا قصتك في التعليقات لنفيد ونستفيد معاً!

تعليقات
إرسال تعليق